مقدمة:
أصبحت قضية العولمة إحدى
الظواهر التي تجتاح
البشرية في القرن 21م بفعل استطاعتها استقطاب الشرائح الفكرية والفئات الاجتماعية
المتعددة الانتماءات والتخصصات إلى جانب كونها تمس مختلف مجالات الحياة المعاصرة،
وتتحكم فيها عدة آليات ومجموعة من الفاعلين.
ü فما هو مفهوم
العولمة وظروف نشأتها وتطورها؟
ü وما هي الآليات
المتحكمة في قيام العولمة وانتشارها؟
ü ومن هم أبرز
الفاعلين في مجال العولمة؟
I): مفهـــــــوم
العولمـــــــة وظـــــــروف نشــــــــــــــــأتها وتطـــــــــــــــــــورها.
1): مفهوم العولمة وبعض مظاهرها الرئيسية.
العولمة: هي ترجمة للمصطلح الإنجليزي Globalization أي الكونية أو
الكوكبية... ويحيل مدلولها اللغوي على تعميم الشيء وإكسابه صبغة عالمية ليشمل
العالم كله. أما اصطلاحا: فتعني اندماج أسواق العالم في حقول
التجارة والاستثمارات المباشرة، وانتقال الأموال والقوى العاملة والثقافات
والتكنولوجيا ضمن إطار رأسمالية حرية الأسواق بغية تكسير الحدود الوطنية.
وتتخذ العولمة مجموعة من
الأشكال، بحيث تشمل العولمة السياسية كتقلص نفوذ الدول الوطنية تحت تأثير سلطة
الرأس مال والمؤسسات المالية الدولية...، والعولمة الاقتصادية كسيادة النظام
الرأسمالي المبني على اقتصاد السوق والمنافسة والحرية...، والعولمة الثقافية التي
تهدف إلى تعميم نمط حضاري وثقافي واحد على العالم ثم العولمة التقنية والاتصالية
المتمثلة في جعل العالم قرية صغيرة.
2): ظروف نشأة ظاهرة العولمة وتطورها في الزمن.
للعولمة جذور تاريخية ترجع إلى
بداية القرن 15م أي زمن النهضة الأروبية الحديثة، ويتزامن تطور ظاهرة العولمة مع
تطور ظاهرة الرأسمالية، ويعتبر النصف الثاني من القرن التاسع عشر والنصف الأول من
القرن العشرين بداية استعمال العولمة كمفهوم، وقد مهدت مجموعة من الأحداث إلى نشوء
العولمة في المجال الاقتصادي، نذكر منها ما يلي:
اتفاق بروتون وودز الذي عقد في
مدينة Breton Woods الأمريكية حيث وضعت فيه قواعد جديدة للنظام النقدي
العالمي، ثم إنشاء صندوق النقد الدولي الذي يسعى إلى تثبيت الأوضاع النقدية
العالمية وبناء اقتصاد منفتح عالميا إلى جانب اتفاقية "الكات" التي تهدف
إلى تخفيض الرسوم الجمركية، بالإضافة إلى إنشاء منظمة التجارة العالمية وتأسيس
منظمة الدول السبع الكبرى في العالم.
II): الآليــــات المتحكمـــة في قيــــــــام ظاهــــــــــــــرة العولمـــــــــــــــة وانتشــــارهـــــــــــــــا.
1): الآليات الاقتصادية المتحكمة في بروز ظاهرة العولمة وانتشارها.
توظف العولمة مجموعة من الآليات الاقتصادية من أجل تسهيل الاندماج، والتي
يمكن تصنيفها إلى ما يلي:
ü
آليات مالية: فتح الحدود في وجه الاستثمارات والرساميل،
واعتماد الدولار قاعدة في المعاملات النقدية الدولية، وتحرير أسعار صرف العملات
المحلية وربطها بالسوق النقدية، وتدخل المؤسسات المالية الدولية في برامج الإصلاح
الاقتصادي للدول النامية.
ü
آليات إنتاجية: التخلي عن سياسة التأميم والاقتصاد الموجه
مقابل الأخذ بسياسة الخوصصة والحرية الاقتصادية.
ü آليات تجارية: تحرير التجارة العالمية من القيود الجمركية لتسهيل تدفق
الخدمات الأجنبية.
2): الآليــــــــات التقنيـــــــــــــة لظاهــــــــــــــرة العولمـــــــــــــــــــة.
ساعدت مجموعة من الآليات التقنية على انتشار
ظاهرة العولمة، ويمكن تصنيف هذه الآليات ضمن المجالات الآتية:
ü مجال
المواصلات: تقدم تقني كبير في وسائل المواصلات البرية والبحرية والجوية وذلك من
أجل تقريب المسافات.
ü مجال
الاتصالات: حدوث ثورة تكنولوجية هائلة في وسائل الاتصال خاصة البريد
المصور(الفاكس)، والأقمار الاصطناعية والإنترنت، مما سرع عملية الاتصال وتقريبا
المسافات.
ü مجال
الإعلام: حدوث ثورة في وسائل الإعلام المكتوبة، والمرئية، والمسموعة والإلكترونية،
الأمر الذي ساهم في نقل الأخبار.
III) : القــــــــــــوى الفاعلــــــــــــــة
فـــــــــي مجـــــــــــــال العولمــــــــــــــة.
تتعدد
القوى الفاعلة في مجال العولمة، حيث تشمل الأطراف التالية:
الدول
والقوى الاقتصادية الكبرى، وتمثلها كل من الو.م.أ، الاتحاد الأروبي، واليابان
ومنتدى دافوس، يتجلى دورها في رعاية مصالحها الاقتصادية.
المنظمة
العالمية لتجارة، التي تعمل على ضمان حرية تدفق التجارة في العالم بهدف تأمين الإمداد المستمر للسوق بالسلع واندماج البلدان
الأعضاء في الاقتصاد العالمي.
الشركات متعددة
الجنسيات، دورها يكمن في
جر الاقتصاد العالمي نحو العولمة عبر التحكم في الإنتاج وتبادله وتوزيعه وتسعيره
والتحكم في استقرار مراكز صناعته...
البنك الدولي، وظيفته تمويل المشاريع ومنح قروض مشروطة لبلدان العالم النامي ووضع
برامج الإصلاح الاقتصادي لها وفق المبادئ الليبرالية (اقتصاد السوق).
صندوق
النقد الدولي، تتجلى مهمته في مراقبة السياسات الاقتصادية والمالية في البلدان
الأعضاء وفي العالم إلى جانب مساعدة
الدول ذات الاقتصاد الصاعد والمتأخرة عن مسايرة العولمة على العبور نحو اقتصاد
السوق العالمي وخفض حدة الفقر.
المنظمات
غير الحكومية المناهضة للعولمة الاقتصادية، ويمثلها المنتدى الاجتماعي العالمي الذي يسعى إلى توسيع الحركة الاحتجاجية لمناهضة العولمة باعتبارها
السبب في تزايد حدة التفاوت الاجتماعي وكذلك حركة "أطاك" التي تهدف إلى
مراقبة أسواق المال.
خاتمة:
يتضح من خلال ما سبق أن رغم ما تتيحه العولمة
في ظاهرها من فرص في التنمية الاقتصادية والاجتماعية عبر جعل العالم منفتحا على
بعضه البعض من خلال تكسير حدود الدول إلا أن في باطنها تهديدا للدول والاقتصاديات
النامية عبر جعلها تابعا للدول الرأسمالية وهذا ما تؤكد عليه اتساع رقعة الحركات
المناهضة لها.
المصدر: الكتاب المدرسي الأساسي في الجغرافيا
لتحميل الدرس بصيغة PDF اضغط هنا

تعليقات
إرسال تعليق
أكتب تعليقك إذا كان لديك أي تساؤل أو ملاحظة أو إضافة