القائمة الرئيسية

الصفحات

أحدث المواضيع

تحميل الدرس 04: أزمـــة العالـــــم الرأسمالــي الكبـرى لسنــة 1929م في مكون التاريخ للسنة الثانية باكالوريا آداب وعلوم إنسانية PDF


 

مقدمة:

    شهد العالم الرأسمالي سنة 1929م اندلاع أزمة اقتصادية كبرى، انطلقت من الو.م.أ ثم امتدت لتشمل باقي دول العالم الرأسمالي والمستعمرات المرتبطة بها، مما استدعى البحث عن أساليب لمواجهاتها.

ü      فكيف انطلقت الأزمة الاقتصادية الكبرى؟ وما آثارها في موطن انطلاقها؟

ü      وكيف انتشرت في العالم الرأسمالي؟   

ü      وما هي أساليب مواجهتها ودلالة ذلك على العالم الرأسمالي؟   

I): انطلاق الأزمة الاقتصادية الكبرى وآثارها في الو.م.أ.

1): مفهوم الأزمة الاقتصادية الكبرى.            

    يقصد بها تلك الأزمة التي وقعت يوم الخميس 24 أكتوبر 1929م، المعروف بالخميس الأسود، وقد انطلقت من بورصة وول ستريت الأمريكية، ثم انتقلت منها لتعم مختلف القطاعات الاقتصادية وبقية العالم الرأسمالي.

2): جذور الأزمة من خلال تفسيرات مختلفة.

 قدمت تفسيرات مختلفة لجذور أزمة 1929م، ومن هذه التفسيرات ما يلي:

●تفسير يقول بأن الأزمة الرأسمالية ظاهرة دورية وتحدث بفعل تعاقب فترات ازدهار وانكماش في سيرورة النمو الرأسمالي، وبالتالي فإن أزمة 1929م تزامنت مع فترة الانكماش الممتد بين سنتي 1920م و1933م.

●تفسير يرى أن الأزمة هي نتاج للاختلال المالي العالمي، وذلك بفعل سوء توزيع الاحتياط العالمي من الذهب الذي احتكرت الو.م.أ   نصفه وحدوث اضطراب في الاقتصاد العالمي...

●تفسير يعتبر الأزمة نتاج لفائض الإنتاج أي صعوبات في التسويق الناجم عن عدم التوازن بين العرض والطلب وانخفاض الأسعار والأرباح في القطاعين الفلاحي والصناعي.

●تفسير يعزو الأزمة للمضاربات المالية بالبورصات من خلال تزايد الإقبال على بيع وشراء الأسهم بسبب نظام القروض، ارتفاع المضاربات داخل البورصة...

3): أسباب اندلاع الأزمة ضمن الازدهار الأمريكي ما بين 1922 و1929.

     عرفت الو.م.أ ما بين 1923م و1929م ازدهارا اقتصاديا كبيرا تمثل في ارتفاع مؤشر الإنتاج الصناعي بحوالي 30% في المتوسط بفعل الثورة الطاقية والتقنية وتصاعد نظام التركيز الرأسمالي... إلا أن هذا الازدهار كان محدودا وهشا، حيث تأزم القطاع الفلاحي بفعل انخفاض أسعار المواد الفلاحية وتراجع مداخيل الفلاحين، ومن ناحية أخرى ارتفعت أسعار الأسهم أكثر من القيمة الحقيقة للإنتاج الصناعي، إلى جانب ارتكاز المضاربات على نظام القروض والثقة العمياء في قيمة الأسهم زيادة على النظرة التفاؤلية للأمريكيين...

4): أسباب انتقال الأزمة الكبرى قطاعيا وآثارها في موطن انطلاقها (الولايات المتحدة الأمريكية).

    انطلقت الأزمة بانهيار قيمة الأسهم ببورصة «وول ستريت Wall Street››، حيث تم عرض 13 مليون سهم للبيع مقابل تراجع الطلب، وتزايد العرض في الأيام الموالية، فانخفضت قيمة الأسهم وعجز المضاربون ورجال الصناعة عن تسديد ديونهم للبنوك فانتقلت الأزمة إلى باقي القطاعات الاقتصادية، حيث أن الأبناك عجزت عن استرجاع القروض وعدم قدرتها على توفير قروض أخرى، مما أدى إلى تراجع الإنتاج الصناعي وتضرره بفعل انهيار أسعار المنتجات الصناعية وتضخم الإنتاج وتكدس المخازن بالسلع، بالإضافة إلى تضرر القطاع الفلاحي الذي تضرر بسبب انهيار أسعار المنتجات الفلاحية ومصادرة الأبناك لأراضي الفلاحين بعد عجزهم عن تسديد ديونهم، وبالتالي هذا ما كان له انعكاسات اجتماعية حيث تزايد عدد العاطلين وارتفعت نسبة الفقر...

 II): انتشار الأزمة في العالم الرأسمالي ونتائجها العامة.

1): انتشار الأزمة (مجاليا) في العالم الرأسمالي.

      ظهرت الأزمة الاقتصادية الكبرى في الو.م.أ سنة 1929م، لكنها لم تبقى حبيسة مجالها بل امتدت إلى باقي دول العالم الرأسمالي لتصبح أزمة دولية، وذلك بفعل سحب الولايات المتحدة الأمريكية لأموالها ورساميلها وإيقاف استثماراتها في العالم (ألمانيا مثلا) وأوقفت دعمها للنمسا، كما تأثرت إنجلترا وفرنسا لارتباط اقتصادهما وأهمية مبادلاتهما التجارية مع الولايات المتحدة الأمريكية، ومما زاد الأزمة حدة اعتماد اليابان سياسة الحماية الجمركية في وجه السلع الأجنبية وخاصة الأوربية والأمريكية.
    وفي ظل تأثر الدول الأوربية الإمبريالية (الاستعمارية) لجأت إلى مستعمراتها في إطار “سياسة الميتروبول” فعملت على استنزافها ونهب ثرواتها لتعويض خسائر الأزمة ببلدانها، وهو ما أثر سلبا على اقتصاد المستعمرات لتصبح أزمة 1929 أزمة عالمية بعدما كانت أمريكية.

    وتجدر الإشارة إلى أن البلد الذي لم يتأثر بهذه الأزمة، الاتحاد السوفياتي بفعل نهجه سياسة التخطيط وكذلك عدم وجود علاقات اقتصادية بين العالم الاشتراكي والعالم الرأسمالي.

2): النتائج العامة للأزمة الاقتصادية الكبرى.

 ترتب عن أزمة 1929م عدة نتائج اقتصادية واجتماعية:

   فعلى المستوى الاقتصادي، انخفضت الأسعار والاستثمارات بالعالم، وتراجع الإنتاج الصناعي خاصة بين 1929 و 1932 بسبب عودة الدول الرأسمالية إلى سياسة الحمائية، وتكدس البضائع وانكماش التجارة الخارجية...

   أما اجتماعيا، فقد تزايد عدد العاطلين ما بين سنتي 1929م و1933م بفعل إغلاق المعامل وتسريح العمال في بلدان العالم الرأسمالي، مما أدى إلى انخفاض القدرة الشرائية للمواطنين واستفحال ظاهرة الهجرة نحو المدن بسبب عدم قدرة الفلاحين على تمويل العمليات الفلاحية وبذلك أصبح البؤس طاغيا في كل المجتمعات التي مستها الأزمة.

 III): بعض أساليب مواجهة الأزمة في العالم الرأسمالي ودلالاتها التاريخية.

 1): النموذج الأمريكي لمواجهة الأزمة ودلالته.

    حاول الرئيس الأمريكي روزفلت إعادة بناء الاقتصاد الأمريكي على أسس متينة، حيث اعتمد في ذلك على سياسة عرفت بالخطة الجديدةالنيوديل” وذلك منذ سنة 1933 واستمر تطبيقها إلى سنة 1937، وقد عرفت تدخل الدولة في شؤون الاقتصاد، واعتبرت بمثابة تصور إصلاحي شامل، حيث أعدت من قبل فريق حكومي يتكون من عدة خبراء ينتمون إلى مجالات مختلفة، يتم تطبيقها عبر مرحلتين أساسيتين، هما:

المرحلة الأولى: اعتبرت تشريعية بالأساس حيث فيها تم إصدار مجموعة من القوانين يأتي في مقدمتها قانون الإنقاذ البنكي الذي منح مهلة للمدينين حتى يتسنى لهم تسديد ديونهم، وقانون الإصلاح الفلاحي بغية دعم الفلاحين ووضع حد لانهيار أسعار المنتجات الفلاحية...، ثم قانون إنعاش الصناعة إلى جانب هذه القوانين تم تخفيض قيمة الدولار بنسبة 41% وخلق الأوراش والمشاريع الكبرى لتوفير أكبر قدر من مناصب الشغل.

المرحلة الثانية: عرفت هذه المرحلة عدة صراعات قانونية من قبيل رفض المحكمة العليا القوانين التي اعتمدت من طرف الدولة (قانون الإنعاش الصناعي والطعن في دستورية قانون الإصلاح الزراعي) وذلك بحجة عدم دستوريتها، ثم سن تدابير ذات طابع اجتماعي كالاعتراف بالحرية النقابية والتأمين على البطالة والعجز والشيخوخة، وبالتالي هذه التدابير جعلت الشعب يعيد انتخاب الرئيس روزفلت في نونبر 1936.

=˂ واجهت الخطة الجديدة عدة صعوبات تمثلت في عدم قبولها من طرف الأمريكيين جميعهم، بدءا برجال الأعمال الذين اعتبروها تمس الحرية الاقتصادية، وصولا إلى الجو الاجتماعي المشحون بفعل المواجهة بين النقابات والمؤسسات الكبرى التي رفضت الاعتراف بها، مما جعل حصيلتها محدودة، حيث لم تنجح إلا بنسبة 50%، وساهمت في تقوية السلطة الفيدرالية وصلاحيات الرئيس على حساب باقي السلط وفي تطبيق مبدأ تدخل الدولة في الاقتصاد وفي شرعنة العمل النقابي.

 2): النموذج النازي (الألماني) لمعالجة الأزمة ودلالته. 

    اعتمد النظام النازي، بزعامة أدولف هتلر، سياسة التوجيه المحدود والتي تقوم على  فرض نظام التعاونيات المختلطة، وتشجيع الملكيات الزراعية في البوادي، وعزل عملة البلاد عن الارتباط بالذهب وتطوير الصناعات خاصة العسكرية، إضافة إلى اعتماد سياسة توسيع المجال الحيوي في إطار ما يسمى بالمخطط الرباعي الذي سعى إلى جعل الاقتصاد والجيش الألماني مستعدا للحرب في ظرف أربع سنوات.

خاتمة:

   استطاعت الدول الرأسمالية أن تتغلب على الأزمة العالمية لسنة 1929م بفعل اعتمادها مجموعة من التدابير التي جعلتها تتجاوز الأزمة، لكن سرعان ما دخل العالم بعدها في أزمات أخرى تعتبر الحرب العالمية الثانية أبرزها.

لتحميـــــــــــــل الـــــــــــــــدرس اضغـــــــــــط هنــــا

تعليقات

التنقل السريع